القواعد الفقهية  Images12
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا القواعد الفقهية  829894
ادارة المنتدي القواعد الفقهية  103798
القواعد الفقهية  Images12
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا القواعد الفقهية  829894
ادارة المنتدي القواعد الفقهية  103798
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القواعد الفقهية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فارس الأحلام
مالك ومؤسس موقع عاشق هواك
مالك ومؤسس موقع عاشق هواك
فارس الأحلام


ذكر
عدد المساهمات : 5537
نقاط : 15439
السٌّمعَة : 52
تاريخ التسجيل : 08/12/2010
الموقع : www.3hawak.yoo7.com

القواعد الفقهية  Empty
مُساهمةموضوع: القواعد الفقهية    القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 11, 2013 10:13 am







القواعد الفقهية

القواعد الفقهية
ال
قاعدة الأولى
(الأمور بمقاصدها)


تقديم :

إن مقاصد العباد ونياتهم محا نظر الشرع الكريم , العالم بما يترتب على ما أمر به من عباده ؛ فقد عني القرآن بمقاصد المكلفين و نياتهم عناية فائقة تفوق الاهتمام بأي مسألة أخرى , كما عنيت بذلك سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم ؛ ذلك لأن العمال لها تأثير في القلب , فإذا أنيطت بالقصد الصحيح و النية الخالصة أحيت القلب و أيقظته , و إذا لم تقترن الأعمال بالمقاصد الصحيحة و النيات الخالصة أماتت القلب و أعمته , و عدت في ميزان الأعمال هباءاً منثوراً و سرابا خادعاً لا يظفر صاحبها بغاية و لا يروح رائحة نعيم ؛ فميزان الأعمال القصد و النية , ومن وراء ذلك العمل .

الشرح :

الأمور: جمع أمر وهو لفظ عام للأفعال والأقوال كلها , ومنه قوله تعالى: { إليه يرجع الأمر كله } (هود , الآية 123) , وقوله تعالى : { قل إن الأمر كله لله } (آل عمران , الآية 154) , وقوله تعالى : { وما لأمر فرعون برشيد }( هود , الآية 97) أي ما هو عليه من قول أو فعل.

ثم إن الكلام على تقدير : مقتضى أي أحكام الأمور بمقاصدها , لأن علم الفقه إنما يبحث عن أحكام الأشياء لا عن ذواتها ؛ ولذا فسرت المجلة القاعدة بقولها:
" يعني أن الحكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ما هو المقصود من ذلك الأمر"

أصل القاعدة :

أصل هذه القاعدة فيما يظهر قوله - صلى الله عليه وسلم - : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ). رواه البخاري و البيهقي و ابن ماجة و أبو داود.
وما جاء في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : ( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى مل تجعل في فم امرأتك) .

وما أخرجه أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود : ( رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته ) .

فهذه الأحاديث و غيرها تدل دلالة واضحة على أن ميزان العمال هو النيةو القصد , ومن وراء ذلك العمل .

أي أن أعمال المكلفين و تصرفاتهم من قولية أو فعلية تختلف نتائجها وأحكامها الشرعية التي تترتب عليها باختلاف مقصود الشخص و غايته وهدفه من وراء هذه الأعمال و التصرفات .

جريان هذه القاعدة في كثير من أبواب الفقه :

إن هذه القاعدة تجري في كثير من الأبواب الفقهية مثل :

أولاً : المعاوضات والتمليكات المالية.

كالبيع والشراء والإجارة والصلح والهبة, فإنها كلها عند إطلاقها - أي إذا لم يقترن بها ما يقصد به إخراجها عن إفادة ما وضعت له - تفيد حكمها : وهو الأثر المترتب عليها من التمليك والتملك , لكن إذا اقترن بها ما يخرجها عن إفادة هذا الحكم وذلك: كإرادة النكاح بها وكالهزل والاستهزاء والمواضعة والتلجئة , فإنه يسلبها إفادة حكمها المذكور .

فإنه إذا أريد بها النكاح كانت نكاحاً , ولكن يشترط في الإجارة والصلح أن تكون المرأة بدلاً ليكون نكاحاً , فلو كانت في الإجارة معقوداً عليها لا تكون نكاحاً .

وفي الصلح لو كانت مصالحاً عنها : بأن ادعى عليها النكاح فأنكرت ثم صالحت المدعي على مال دفعته له ليكف صح وكان خلعاً .

وكذلك لو باع إنسان أو شرى وهو هازل فإنه لا يترتب على عقده تمليك ولا تملك.

ثانياً : الإبراء .

كما لو قال الطالب للكفيل أو قال المحال للمحتال عليه: برئت من المال الذي كفلت به أو المال الذي أحلت به عليك , أو قال : برئت إلي منه وكان الطلب أو المحال حاضراً فإنه يرجع إليه في البيان لما قصده من هذا اللفظ فإن كان قصد براءة القبض والاستيفاء منه كان للكفيل أن يرجع على المكفول عنه لو الكفالة بالأمر, وكان للمحال عليه أن يرجع على المحيل لو لم يكن للمحيل دين عليه , وإن كان قصد من ذلك براءة الإسقاط فلا رجوع لواحد منهما أما إذا كان الطالب أو المحال غير حاضر ففي ( برئت إلي ) لا نزاع في أنه يحمل على براءة الاستيفاء , وكذلك في برئت عند أبي يوسف فإنه جعله كالأول وهو المرجح .

ثالثاً : تجري في الوكالات.

فمنها : ما لو وكل إنسان غيره بشراء فرس معين أو نحوه, فاشترى الوكيل فرساً ففيه تفصيل: إن كان نوى شراءه للموكل أو أضاف العقد إلى دراهم الموكل يقع الشراء للموكل , وإن نوى الشراء لنفسه أو أضاف العقد إلى دراهم نفسه يقع الشراء لنفسه , وكذا لو أضاف العقد إلى دراهم مطلقة فإنه إذا نوى بها دراهم الموكل يقع الشراء للموكل, وإن نوى بها دراهم نفسه يقع لنفسه, وإن تكاذبا في النية يحكم النقد فيحكم بالفرس لمن وقع نقد الثمن من ماله لأن في النقد من أحد المالين دلالة ظاهرة على أنه أريد الشراء لصاحبه.

رابعاً : إحراز المباحات .

الإحرازات : هي استملاك الأشياء المباحة فإن النية والقصد شرط في إفادتها الملك, فلو وضع إنسان وعاءً في مكان فاجتمع فيه ماء المطر ينظر: فإن كان وضعه خصيصاً لجمع الماء يكون ما اجتمع فيه ملكه, وإن وضعه بغير هذا القصد فما اجتمع فيه لا يكون ملكه, ولغيره حينئذٍ أن يتملكه بالأخذ ؛ لأن الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد.

كذلك الصيد : فلو وقع الصيد في شبكة إنسان أو حفرة من أرضه ينظر :

فإن كان نشر الشبكة أو حفر الحفرة لأجل الاصطياد بهما فإن الصيد ملكه وليس لأحد أن يأخذه , وإن كان نشر الشبكة لتجفيفها مثلاً أو حفر الحفرة لا لأجل
الاصطياد فإنه لا يملكه , ولغيره أن يستملكه بالأخذ .

خامساً : الضمانات والأمانات.

مسائلها كثيرة منها:

( أ ) اللقطة فإن التقطها ملتقط بنية حفظها لمالكها كانت أمانة لا تضمن إلا بالتعدي, وإن التقطها بنية أخذها لنفسه كان في حكم الغاصب فيضمن إذا تلفت في يده بأي صورة كان تلفها , والقول للملتقط بيمينه في النية لو اختلفا فيها وكذا لو التقطها ثم ردها لمكانها , فإن كان التقطها للتعريف لم يضمنبردها لمكانها , سواء ردها قبل أن يذهب بها أو بعده , وسواء خاف بإعادتها هلاكها
أو لا , وإن كان التقطها لنفسه لا يبرأ بإعادتها لمكانها ما لم يردها لمالكها .

( ب ) ومنها الوديعة فإن المودع إذا استعملها ثم تركها بنية العود إلى استعمالها لا يبرأ عن ضمانها ؛ لأن تعديه باقٍ , وإن كان تركها بنية عدم العود إلى استعمالها يبرأ ولكن لا يصدق في ذلك إلا ببينة ؛ لأنه أقر بموجب الضمان ثم ادعى , وهذا إذا كان تعديه عليها بغير الحجز أو المنع عن المالك , فإن كان بأحد هذين فإنه لا يبرأ عن الضمان إلا بالرد على المالك , وإن أزال تعديه بالاعتراف
بها , وكذلك كل أمين من قبل المالك إذا تعدى ثم أزال التعدي بنيته أنه لا يعود إليه ؛ فإنه يبرأ عن الضمان فلو لم يكن مسلطاً من قبل المالك أصلاً أو كان مسلطاً في مدة مؤقتة وانتهت , ثم تعدى ثم أزال تعديه وعاد إلى الحفظ لا يبرأ .

( ج ) ومن قبيل فرع الوديعة المذكور :

وكيل بالبيع لو خالف بأن استعمله أو دفع الثوب إلى قصار لقصره حتى صار ضامناً , فلو عاد إلى الوفاق يبرأ كمودع والوكالة باقية في بيعه

واستثنوا من الأمناء :

( 1 ) المستعير لأجل الانتفاع .

( 2 ) والمستأجر.

( 3 ) ومثلهما الأجير لو خالف ثم عاد إلى الوفاق لا يبرأ , فإنهما إذا تعديا على العين المستعارة أو المستأجرة ثم تركا التعدي بنية عدم العود إليه لا يبرآن عن الضمان إلا بالرد على المالك .

( 4 ) أخذ لقطة ثم ضاعت منه فوجدها في يد آخر فلا خصومة بينهما بخلاف الوديعة , والفرق بينهما أن للثاني ولاية أخذ اللقطة كالأول بخلاف الوديعة , و لو تعدى ثم أزال التعدي ثم هلكت يضمن لأن يده ليست بيد مالك .

سادساً : العقوبات.

وأما العقوبات فكالقصاص فإنه يتوقف على أن يقصد القاتل قتل لكن الآلة المفرقة للأجزاء تقام مقام قصد القتل ؛ لأن هذا القصد مما لا يوقف عليه ودليل الشيء في الأمور الباطنة يقام مقامه ويتوقف على أن يقصد قتل نفس المقتول لا غيره , فلو لم يقصد القتل أصلاً أو قصد القتل ولكن أراد غير المقتول فأصاب المقتول فإنه لا يقتص منه في شيء من ذلك , بل تجب الدية سواء كان ما قصده مباحاً كما لو أراد قتل صيد أو إنسان مباح الدم فأصاب آخر محترم الدم , أو كان ما قصده محظوراً كما لو أراد قتل شخص محترم الدم فأصاب آخر مثله .

المستثنى من هذه القاعدة :

إن هذه القاعدة لا تجري بين أمرين مباحين لا تختلف بالقصد صفتهما :

كما لو وقع الخلاف في كون البيع صدر هزلاً أو مواضعة مثلاً ؛ لأن اختلاف القصد بين الهزل والمواضعة لا يترتب عليه ثمرة ؛ إذ كل منهما لا يفيد تمليكاً ولا تملكاً , بل تجري بين مباحين تختلف صفتهما بالقصد , كما لو دار الأمر بين البيع المراد حكمه , وبين بيع المواضعة ونحوه كما تقدم , وتجري بين مباح ومحظور كما في فرع اللقطة المتقدم , فإن التقاطها بنية حفظها لمالكها مباح وبنية أخذها لنفسه محظور , كما في مسألة المودع إذا لبس ثوب الوديعة ثم نزعه فإن عدم العود إلى لبسه مطلوب , والعود إليه محظور.


=================



(

القاعدة الثانية )
اليقين لا يزول بالشك


هذه القاعدة أصل شرعي عظيم عليها مدار كثير من الأحكام الفقهية , وتدخل في معظم أبواب الفقه من عبادات ومعاملات و عقوبات و أقضية و كثير من القواعد الدائرة في الفقه و أصول الفقه وثيقة الصلة بها بل ناشئة عنها .

ونظراً لذلك قيل أنها تتضمن ثلاثة أرباع علم الفقه قال السيوطي :

" هذه القاعدة تدخل في معظم أبواب الفقه , والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه و أكثر " .

وهذه القاعدة تهدف إلى رفع الحرج حيث فيها تقدير لليقين باعتباره أصلاً , وإزالة الشك الذي كثيراً ما ينشأ عن الوساوس لا سيما في باب الطهارة و الصلاة , وكذلك في سائر المسائل و القضايا الفقهية التي تسري فيها هذه القاعدة , يتجلى الرفق والتخفيف عن المكلفين .

الشرح :

اليقين لغة : العلم الذي لا تردد معه , وهو في أصل اللغة الاستقرار , يقال : يقن الماء في الحوض إذا استقر . ولا يشترط في تحقق اليقين الاعتراف والتصديق بل يتصور مع الجحود كما قال تعالى :{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم}.

و اليقين : العلم و إزاحة الشك و تحقيق الأمر , واليقين ضد الشط , والشك نقيض اليقين.

واليقين في اصطلاح علماء المعقول : هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت .

فخرج بالقيد الأول - أعني الجازم - الظن وغلبة الظن ؛ لأنه لا جزم فيهما .

وخرج بالقيد الثاني ما ليس مطابقاً للواقع وهو الجهل, وإن كان صاحبه جازماً .

وخرج بالقيد الثالث اعتقاد المقلد فيما كان صواباً ؛ لأن اعتقاده لما لم يكن عن دليل كان عرضة للزوال.

كل ذلك ليس من اليقين في شيء, لكن المناسب هنا تفسير اليقين بالمعنى الأول اللغوي؛ لأن الأحكام الفقهية إنما تبنى على الظاهر ؛ فكثيراً ما يكون الأمر في نظر الشرع يقيناً لا يزول بالشك , في حين أن العقل يجيز أن يكون الواقع خلافه , وذلك كالأمر الثابت بالبينة الشرعية فإنه في نظر الشرع يقين كالثابت بالعيان مع أن شهادة الشهود لا تخرج عن كونها خبر آحاد يجيز العقل فيها السهو والكذب , وهذا الاحتمال الضعيف لا يخرج ذلك عن كونه يقيناً ؛ لأنه لقوة ضعفه قد طرح أمام قوة مقابله ولم يبق له اعتبار في نظر الناظر .

والشك: التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر, فإن ترجح أحدهما على الآخر بدليل ووصل ترجيحه إلى درجة الظهور الذي يبني عليه العاقل أموره لكن لم يطرح الاحتمال الآخر فهو الظن , فإن طرح الاحتمال الآخر بمعنى : أنه لم يبق له اعتبار في النظر لشدة ضعفه فهو غالب الظن, وهو معتبر شرعاً بمنزلة اليقين في بناء الأحكام عليه في أكثر المسائل إذا كان مستنداً إلى دليل معتبر.

وذلك كما إذا رأى إنسان عيناً في يد آخر يتصرف بها تصرفاً يغلب على ظن من يشاهده أنها ملكه, وكان مثله يملك مثلها ولم يخبر الرائي عدلان بأنها ملك غيره, فإنه يجوز له أن يشهد لذي اليد بملكها .

ومعناها:

أن ما كان ثابتاً متيقناً لا يرتفع بمجرد طروء الشك عليه ؛ لأن الأمر اليقيني لا يعقل أن يزيله ما هو أضعف منه , بل ما كان مثله أو أقوى هذا ولا فرق بين أن يكون اليقين السابق مقتضياً للحظر أو مقتضياً للإباحة فإن العمدة عليه في كلتا الحالتين , ولا يلتفت إلى الشك في عروض المبيح على الأول وعروض الحاظر على الثاني .

يتفرع على هذه القاعدة مسائل:

( أ ) منها ما إذا كان إنسان يعلم أن بكراً مديون لعمرو بألف مثلاً , فإنه يجوز له أن يشهد على بكر بالألف, وإن خامره الشك في وفائها أو في إبراء الدائن له عنها إذ لا عبرة للشك في جانب اليقين السابق .

( ب ) ومنها ما إذا كان يعلم أن العين الفلانية كانت ملك بكر ثم نازعه فيها أحد , فإنه يجوز له أن يشهد لبكر بأن العين ملكه , وإن كان يحتمل أنه باعها لمن ينازعه.

( ج ) ومنها ما لو ادعى زيد على عمرو ألفاً مثلاً , فأقام عمرو بينة على الأداء أو الإبراء , فأقام زيد أيضاً بينة على أن له عليه ألفاً , فإن بينة زيد هذه لا تقبل من غير أن يبرهن أن الألف المشهود عليها هي غير تلك الألف التي ادعى عمرو أداءها أو الإبراء عنها؛ لأن فراغ ذمة عمرو بعد البينة التي أقامها أصبح يقيناً, والألف التي أقام زيد عليها البينة مطلقة فيحتمل أن تكون هي المرادة أو المبروء عنها فلا تشغل ذمة عمرو بمجرد الشك بعد التيقن بفراغها ؛ ولأن الموجب والمسقط إذا اجتمعا يعتبر المسقط متأخراً .

( د ) ومما فرع عليها من هذا القبيل أيضاً: لو أقر أنه لا حق له فيما بيد فلان, ثم برهن على شيء في يد فلان أنه غصبه منه لم يقبل حتى يشهد بغصبه بعد إقراره ؛ لأن الإبراء يعمل فيما قبله لا فيما بعده, ولا يعمل فيما بعده إلا في مسألة وهي, ما لو شرط البائع في البيع البراءة من كل عيب في المبيع دخل العيب القديم والحادث بعد البيع قبل القبض .

( هـ ) ومنها ما لو اشترى أحد شيئاً ثم ادعى أن به عيباً وأراد رده واختلف التجار أهل الخبرة فقال بعضهم : هو عيب , وقال بعضهم : ليس بعيب , فليس للمشتري الرد لأن السلامة هي الأصل المتيقن فلا يثبت العيب بالشك, فكذا لو وجد العيب عند البائع ثم عند المشتري, ولكن اشتبه فلم يدر أنه عين الأول أو غيره فإنه لا يرد.

( و ) ومنها ما لو رد الغاصب العين المغصوبة على من في عيال المالك فإنه لا يبرأ لأن الرد على من في عياله رد من وجه دون وجه, والضمان كان واجباً بيقين فلا يبرأ بشك.

( ز ) ومنها ما لو طلق الرجل زوجته وكانت ذات لبن وتزوجت بآخر بعد عدتها فحملت منه وأرضعت طفلاً في مدة الحمل , فإن لبنها لم يزل معتبراً من الزوج الأول فتثبت به حرمة الرضاع بالنسبة له؛ لأنه كان متيقناً أن اللبن منه , فلا نحكم بأنه من الثاني بمجرد الشك الحاصل بسبب حبلها من الزوج الثاني , فإذا ولدت يحكم حينئذٍ بأن اللبن بعد الولادة من الثاني.

( تنبيه )

إن الشك وإن كان لا يقوى على رفع ما ثبت حصوله يقيناً فيما مضى فإنه قد يمنع وجوده حصول ما يزيله بعد وجوده, ومثاله :

برهن المدعى عليه بعد الحكم أن المدعي أقر قبل الدعوى أنه لا حق له في العين المدعى بها ؛ فإنه لا يبطل الحكم لجواز التوفيق بأن يكون لا حق له قبل الدعوى, ثم حدث له حق فادعى , فلا يبطل الحكم الجائز بشكٍ , ولو برهن على ذلك قبل الحكم تقبل ولا يحكم ؛ إذ الشك يمنع الحكم ولا يرفعه .

المستثنى من هذه القاعدة :

ما لو ادعى المشتري عيباً في المبيع موجباً لرده على البائع بعد قبضه المبيع فإنه لا يجبر على دفع الثمن للبائع حتى تنتهي الخصومة في العيب, فإن ثبت قدم العيب عند البائع يفسخ القاضي البيع , فإن عجز المشتري عن الإثبات يجبر على دفع الثمن حينئذٍ , فقد زال اليقين ها هنا وهو وجوب دفع الثمن المتيقن به للحال بمجرد الشك وهو قدم العيب المحتمل الثبوت وعدمه.






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3hawak.yoo7.com
فارس الأحلام
مالك ومؤسس موقع عاشق هواك
مالك ومؤسس موقع عاشق هواك
فارس الأحلام


ذكر
عدد المساهمات : 5537
نقاط : 15439
السٌّمعَة : 52
تاريخ التسجيل : 08/12/2010
الموقع : www.3hawak.yoo7.com

القواعد الفقهية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القواعد الفقهية    القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 11, 2013 10:15 am






القاعدة الثالثة
(المشقة تجلب التيسير)


هذه قاعدة عظيمة تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدرها و بيان منزلتها في الفقه الإسلامي , وأجمعت عليها كتب القواعد الفقهية وهي من الدعاائم و الأسس التي يقوم عليها صرح الفقه الإسلامي و أصوله .

الشرح :

المشقة : بالتحريك , و تشديد القاف مصدر شق , والجنع مشاق و مشقات : " العسر و العناء الخرجين عن حد العادة في الاحتمال " .

ومنه قوله تعالى :{ وتحمل أثقالها إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس } (النحل , الآية 7)

المشقة تجلب التيسير لأن الحرج مدفوع بالنص ولكن جلبها التيسير مشروط بعدم مصادمتها نصاً, فإذا صادمت نصاً روعي دونها أي بتعبها .

و التيسير في اللغة : السهولة و الليونة ؛ يقال يسر الأمر إذا سهل .

والمعنى اللغوي الإجمالي للقاعدة: أن الصعوبة و العناء تصبح سبباً للتسهيل .

المراد بالمشقة الجالبة للتيسير: المشقة التي تنفك عنها التكليفات الشرعية, أما المشقة التي لا تنفك عنها التكليفات الشرعية كمشقة الجهاد , وألم الحدود,
ورجم الزناة, وقتل البغاة, والمفسدين والجناة , فلا أثر لها في جلب تيسير ولا تخفيف.

الأدلة الشرعية على هذه القاعدة :

الأدلة من القرآن :

قال تعالى : {يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر } (البقرة , 185).

قال الحافظ السيوطي : هذه الآية أصل القاعدة الكبرى التي تقوم عليها تكاليف هذه الشريعة , وهى أصل لقاعدة عظيمة ينبني عليها فروع كثيرة وهي(( أن المشقة تجلب التيسير )) وهي إحدى القواعد الخمس التي ينبني عليها الفقه و تحتها من القواعد و الفروع ما لا يحصى كثرة و الآية أصل في جميع ذلك .

وقال تعالى : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }( البقرة , الآية 285)

قال الشيخ الإسلام ابن تيمية : " تضمن أن جميع ما كلفهم به أمراً أو نهياً مطيقون له قادرون عليه , وأنه لا يكلفهم ما لا يطيقون .

وفي ذلك رد صريح على من زعم خلاف ذلك .... وتأمل قوله تعالى :{ إلا وسعها } كيف تجد تحته أنهم في سعة و منحة من تكاليفه , لا ضيق وحرج ومشقة , فإن الوسع يقتضي ذلك؛ فاقتضت الآية أن ما كلفهم به مقدور لهم من غير عسر ولا ضيق ولا حرج عليهم .

ومن الأدلة القرآنية على هذه القاعدة أيضاً قوله تعالى: { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً } (النساء , الآية 28) .

وقال عز وجل : { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم و ليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون } (المائدة , الآية 6)

والأدلة التي تدل على هذه القاعدة في القرآن كثيرة, وكلها تدل دلالة واضحة على أن التيسير والتخفيف ورفع الحرج خصيصة عظيمة من خصائص الفقه والشريعة الإسلامية .

الأدلة من السنة النبوية :

منها :

أنه صلى الله عليه و سلم سئل : أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال: ( الحنيفية السمحة ) رواه البخاري في صحيحه تعليقاً , وقال الشاطبي : " وسمي أي الدين بالحنيفية لما فيه من التسهيل و التيسير " .

وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الدين يسر و لن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا و قاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة و الروحة و شيء من الدلجة ) .

ومنها ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (يسروا و لا تعسروا وبشروا و لا تنفروا ).

وقوله صلى الله عليه و سلم : ( لولا أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة ), صحيح مسلم بشرح النووي.

وكل هذه الأحاديث و غيرها دلائل واضحة على أن رفع الحرج من الأصول التي بنيت عليها الشرائع .


ما يندرج تحت هذه القاعدة من الفروع :

المشقة التي تجلب التيسير تحتها سبعة أنواع:

أولها : السفر وتيسيراته كثيرة منها:

( أ ) جواز تحميل الشهادة للغير في غير حد وقود.

( ب ) ومنها جواز بيع الإنسان مال رفيقه وحفظ ثمنه لورثته بدون ولاية ولا وصاية إذا مات في السفر ولا قاضي ثمة.

( ج ) ومنها جواز فسخ الإجارة بعذر السفر.

( د ) ومنها جواز تزويج الولي الأبعد للصغيرة عند عدم انتظار الكفء الخاطب استطلاع رأي الولي الأقرب المسافر.

( هـ ) ومنها جواز إنفاق المضارب على نفسه في السفر من مال المضاربة.

( و ) ومنها جواز كتابة القاضي إلى القاضي في بلد المدعى عليه بشهادة شهود المدعي عنده.

ثانيها : المرض وتيسيراته كذلك كثيرة منها:

( أ ) جواز تحميل الشهادة كما مر قريباً.

( ب ) وتأخير إقامة الحد على المريض غير حد الرجم إلى أن يبرأ.

( ج ) ومنها عدم صحة الخلوة مع قيام المرض المانع من الوطء سواء كان في الزوج أو في الزوجة.


ثالثها : الإكراه :

وهو التهديد ممن هو قادر على الإيقاع بضربٍ مبرح, أو بإتلاف نفس, أو عضوٍ, أو بحبس أو قيد مديدين مطلقاً, أو بما هو دون ذلك لذي جاه , ويسمى إكراهاً ملجئاً وبما يوجب غماً يعدم الرضا, وهو ما كان بغير ذلك, ويسمى غير ملجئ وهو بقسميه؛ إما أن يكون في العقود, أو في الإسقاطات, أو في المنهيات والعقود والإسقاطات, إما أن تؤثر فيهما الهزل أو لا, والمنهيات إما أن تكون مما يباح عند الضرورة أو لا, وما لا يباح عند الضرورة إما أن يكون جناية على الغير: كقتل محقون الدم أو قطع عضو محترم, أو لا يكون جناية على الغير كالردة .

( أ ) أما العقود والإسقاطات التي يؤثر فيها الهزل: كالبيع والإجارة والرهن والهبة والإقرار والإبراء إذا أكره عليها بملجئ أو بغير ملجئ ففعلها ثم زال الإكراه فله الخيار إن شاء فسخ, وإن شاء أمضى.

( ب ) وأما العقود والإسقاطات التي لا يؤثر فيها الهزل كالنكاح والطلاق والعفو عن دم العمد فلا تأثير للإكراه فيها, فلا خيار للمكره بعد زوال الإكراه, بل هي ماضية على الصحة, ولكن له أن يرجع على المكره له على الطلاق غير الزوجة فلو كانت هي المكرهة سقط المهر على الزوج .

( ج ) وأما المنهيات التي تباح عند الضرورة: كإتلاف مال الغير وشرب المسكر؛ فإنها تحل بل تجب بالملجئ لا بغير الملجئ , وضمان المال المتلف على المكره.

( د ) وأما المنهيات التي لا تباح عند الضرورة وهي جناية على الغير- كما تقدم- فإنها لا تحل ولا بالملجئ, ولو فعل فموجبها وهو القصاص على المكره.

( هـ ) وما لا جناية فيه على الغير وليس في معنى الجناية وهو الردة, فإنه يرخص له أن يجري كلمتها على لسانه وقلبه مطمئن بالإيمان, ويوري وجوباً إن خطر بباله التورية, فإن لم يور يكفر وتبين زوجته .

رابعها : النسيان وهو عدم تذكر الشيء عند الحاجة إليه واتفق العلماء على أنه مسقط للعقاب.

ومن تيسيراته :

( أ ) أنه إذا وقع فيما يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها.

( ب ) ومنها ما لو نسي المديون الدين حتى مات والدين ثمن مبيع أو قرض لم يؤخذ به بخلاف ما إذا كان غصباً

( تنبيه )

لا تأثير للنسيان على الحنث في التعليق, فلو علق على فعل شيء ثم فعله ناسياً التعليق فإنه يقع .

خامسها: الجهل وهو عدم العلم ممن شأنه أن يعلم وهو قد يجلب التيسير.


ومن تيسيراته:

( أ ) ما لو جهل الشفيع بالبيع فإنه يعذر في تأخير طلب الشفعة.

( ب ) ومنها ما لو جهل الوكيل أو القاضي بالعزل أو المحجور بالحجر فإن تصرفهم صحيح إلى أن يعلموا بذلك.

( ج ) ومنها ما لو باع الأب أو الوصي مال اليتيم ثم ادعى أن البيع وقع بغبن فاحش وقال لم أعلم تقبل دعواه.

( د ) ومنها ما لو جهلت الزوجة الكبيرة أن إرضاعها لضرتها الصغيرة مفسد للنكاح لا تضمن المهر.

( هـ ) ومنها الوكيل بقضاء الدين إذا قضاه بعدما وهب الدائن الدين من المديون جاهلاً بالهبة لا يضمن.

( و ) ومنها ما لو أجاز الورثة الوصية ولم يعلموا ما أوصى به الميت لا تصح إجازتهم.

( ز ) ما لو كان في المبيع ما يشتبه على الناس كونه عيباً, واشتراه المشتري عالماً به ولم يعلم أنه عيب ثم علم أنه عيب؛ فإنه له رده ولا يعد اطلاعه عليه حين الشراء رضاً بالعيب .
( ح ) ومنها العفو عن التناقض في الدعوى فيما كان سببه خفياً: كالتناقض في النسب والطلاق, كما لو ادعى أحد على آخر أنه أبوه فقال المدعى عليه: إنه ليس ابني, ثم قال : هو ابني, يثبت النسب؛ لأن سبب البنوة العلوق منه وهو خفي .

( ط ) وكما لو اختلعت المرأة من زوجها على بدل ثم ادعت أنه كان طلقها ثلاثاً قبل الخلع وبرهنت, فإنها تسترد البدل ويغتفر تناقضها الواقع في إقدامها على الاختلاع ثم دعواها الطلاق؛ لأن الطلاق فعل الغير فإن الزوج يستبد به بدون علمها فكانت معذورة .

( ي ) ومنها أن من أسلم في دار الحرب ولم تبلغه أحكام الشريعة فتناول المحرمات جاهلاً حرمتها فهو معذور .

سادسها : العسر وعموم البلوى وله تيسيرات منها:

( أ ) تجويز بيع الوفاء والمزارعة والمساقاة والسلم والإجارة؛ ولهذا لا تجوز إجارة العين بمنفعة عين مثلها ولا عقد الإجارة على منفعة غير مقصودة لعدم تحقق العسر والبلوى.

( ب ) ومنها إباحة نظر الطبيب والشاهد والخاطب للأجنبية.

( ج ) والتيسير على المجتهدين بالاكتفاء منهم بغلبة الظن.

( د ) والعفو عما يدخل بين الوزنين في الربويات.

سابعها : النقص وفيه نوع من المشقة يتسبب عنها التخفيف؛ وذلك كالصغر والجنون والأنوثة, فالأولان يجلبان التخفيف عن الصغير والمجنون لعدم تكليفهما أصلاً فيما يرجع إلى غير خطاب الوضع الآتي بيانه؛ فإنه موجه إليهما وأما التخفيف بسبب الأنوثة فمنه: عدم تكليف النساء بكثير مما كلف به الرجل كالجهاد, والجزية, وتحمل الدية إذا كان القاتل غيرها




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3hawak.yoo7.com
فارس الأحلام
مالك ومؤسس موقع عاشق هواك
مالك ومؤسس موقع عاشق هواك
فارس الأحلام


ذكر
عدد المساهمات : 5537
نقاط : 15439
السٌّمعَة : 52
تاريخ التسجيل : 08/12/2010
الموقع : www.3hawak.yoo7.com

القواعد الفقهية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القواعد الفقهية    القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 11, 2013 10:17 am






القاعدة الرابعة
(العادة محكمة)


للعرف أو العادة أثر كبير في القواعد الفقهية ؛ فلم يخل كتاب من كتب القواعد من قاعدة أساسية في العرف والعادة قاعدة من القواعد المتفرعة على قاعدة أساسية فيهما؛ ذلك لأن الأفعال العادية وإن كانت أفعال شخصية حيوية و ليست من قبيل المعاملات والعلائق المدنية والحقوقية إلا أنه عندما يتعارفها الناس وتجري عليها عادات حياتهم يصبح لها تأثير وسلطان في توجيه أحكام التصرفات فتثبت تلك الأحكام على وفق ما تقتضي العادة .

ولما نظر الفقهاء إلى هذا المعنى ورأوا اعتبار العرف و العادة في التشريع و بناء الأحكام عليهما ؛ لم يغفلوا ذلك وهم يقعدون القواعد أو يخرجون الفروع و المسائل المفرعة على هذه القواعد فقد ذكروا أكثر من قاعدة تتعلق بالعرف و تحكيمه في الوقائع والتصرفات .

أهمية هذه القاعدة :

إن موضوع هذه القاعدة يعد موضوعاً غضاً يستجيب لحل كثير من المسائل و الحوادث الجديدة؛ ذلك لأنه يتضمن الكثير من المسائل التي تتمتع بسعة ومرونة بجانب كونها محيطة بكثير من الفروع و المسائل.

فمن أمعن النظر في هذه القاعدة ولم ينكر تغير الأحكام المبنية على الأعراف و المصالح بتغير الزمان , أدرك سعة آفاق الفقه الإسلامي و كفاءته الكاملة لتقديم الحلول الناجعة للمسائل و المشكلات المستحدثة و صلاحيته لمسايرة ركب الحياة , ومناسبته لجميع الأزمنة و الأمكنة وهذا من أعظم عوامل القابلية للخلود في مباني الشريعة وفقهها, وعلى هذا الأساس قرر الفقهاء عليها أحكام كثيرة .

الشرح :

يعني أن العادة عامة كانت أو خاصة تجعل حكماً لإثبات حكم شرعي لم ينص على خلافه بخصوصه, فلو لم يرد نص يخالفها أصلاً أو ورد ولكن عاماً فإن العادة تعتبر على ما سيأتي.

أصل هذه القاعدة:

أصل هذه القاعدة قول ابن مسعود رضي الله عنه :ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن, وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح .

وهو حديث حسن, وإنه وإن كان موقوفاً عليه فله حكم المرفوع؛ لأنه لا مدخل للرأي فيه .

العادة هي الاستمرار على شيء مقبول للطبع السليم والمعاودة إليه مرة بعد أخرى, وهي المرادة بالعرف العملي, فالمراد بها حينئذ: ما لا يكون مغايراً لما عليه أهل الدين والعقل المستقيم, ولا منكراً في نظرهم.

والمراد من كونها عامة: أن تكون مطردة أو غالبة في جميع البلدان.

ومن كونها خاصة: أن تكون كذلك في بعضها فالاطراد والغلبة شرط لاعتبارها سواء كانت عامة أو خاصة, ثم إذا لم يرد نص مخالف يشملها فلا كلام في اعتبارها, فقد نقل ابن عابدين أن العادة إحدى حجج الشرع فيما لا نص فيه, ونقل أيضاً أن البناء على العادة الظاهرة واجب ,
أما إذا ورد فإما أن يكون نصاً في مخالفتها فلا كلام في اعتباره دونها مطلقاً عامة كانت أو خاصة؛ لأن النص أقوى من العرف, فالعمل بها حينئذ عبارة عن رد النص ورفضه للعادة وهو لا يجوز.

وإما أن يكون عاماً ويكون المعتاد جزيئاً من جزئياته, فحينئذ إما أن تكون عامة فتصلح أن تكون مخصصة لعمومه اتفاقاً عملية كانت أو قولية, وإما أن تكون خاصة .

( تنبيه )
إذا كان الشرع يقتضي الخصوص واللفظ يقتضي العموم فالمعتبر الخصوص, فلو أوصى لأقاربه لا يدخل الوارث اعتباراً لخصوص الشرع, كذا قال السيوطي في الأشباه وليس بظاهر؛ لأنه من قبيل مصادمة العمل للنص المخالف له بخصوصه وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (لا وصية لوارث )

( تنبيه آخر )
إنما تعتبر العادة إذا كانت سابقة فلا عبرة بالعرف الطارئ.

وعليه فلو كان الوقف سابقاً على ما تعارف عليه من البطالة في الأشهر الثلاثة لا يعتبر ذلك العرف, وكذلك لو كان التعليق سابقاً على العرف فلا يقيد العرف لفظ التعليق المطلق .

الفروع التي تندرج تحت هذه القاعدة :

الذي تفرع عليها من الفروع الفقهية تعسر الإحاطة به :

( أ ) فمن ذلك لو بعثه إلى ماشيته فركب المبعوث دابة الباعث برئ لو بينهما انبساط وإلا ضمن .

( ب ) ومنه جواز التقاط الثمار التي يتسارع إليها الفساد من البساتين والرساتيق على المعتمد ما لم توجد دلالة المنع.

( ج ) ومنه اعتبار الكيل أو الوزن فيما تعارف على كيله أو وزنه مما لا نص فيه من الأموال الربوية كالزيتون وغيره, وأما ما نص عليه فلا اعتبار للعرف فيه عند الطرفين.

( د ) ومنه اعتبار عرف الحالف والناذر إذا كان العرف مساوياً للفظ أو أخص, فلو حلف لا يأكل رأساً, أو لا يركب دابة, أو لا يجلس على بساط لا يحنث برأس عصفور ولا بركوب إنسان ولا بجلوس على الأرض؛ لأن العرف خص الرأس بما لا يباع للأكل في الأسواق, والدابة بما يركب عادة, والبساط بالمنسوج المعروف الذي يفرش ويجلس عليه .

وأما العرف الزائد على اللفظ فلا عبرة به , كما لو قال لأجنبية إن دخلت بك فأنت كذا, فنكحها ودخل بها لا تطلق وإن كان يراد في العرف من هذا اللفظ دخوله بها عن ملك النكاح ؛ لأن هذا زيادة على اللفظ بالعرف , والعرف لا يجعل غير الملفوظ ملفوظاً , فقد قال الإمام محمد بن الحسن: بالعرف يخص ولا يزاد لكن هذا إذا لم يجعل اللفظ في العرف مجازاً عن معنى آخر, ولم يهجر المعنى الأصلي, فإن هجرت حقيقته واستعمل في معناه المجازي كمسألة وضع القدم ففي مثلها يعتبر المعنى العرفي دون الحقيقي اللفظي , وكذلك في الموصى والواقف؛ فإنه يحمل كلام كلٍ على لغته وعرفه, وإن خالف لغة الشرع وعرفه إلا في مسائل استثناها صاحب الأشباه العمل فيها على عرف الشرع, وهي لو حلف لا يصلي أو لا يصوم أو لا ينكح فلانة وهي أجنبية؛ فإنه لا يحنث إلا بالصلاة والصوم الشرعيين وفي النكاح بالعقد, ولكن في الحقيقة لا استثناء فإن العرف فيها موافق للشرع.


ا

لقاعدة الخامسة
(لا ضرر ولا ضرار)


هذه القاعدة الفقهية العظيمة يعنون بها في كثير من كتب الفقه بـ ((الضرر يزال )) وجعل مؤلفوها ما عبرنا به دليلاً عليها وأصلا لها .

ولكن لما كان منطوقها نص حديث نبوي كريم وهو يعد من جوامع كلمه صلى الله عليه و سلم سار مسار القواعد الفقهية الكلية .

أهمية هذه القاعدة :

إن المجتمع الإسلامي في محيطه الكبير تختلف فيه نوعيات الأفراد و لكل وجهة هو موليها .

والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان و أودع فيه قوتي الخير والشر ومكنه من أن يتصرف بأحدهما كيف يشاء .

والنفس الإنسانية كثيرا ما تغفل عن روح الشريعة فتعيث في الأرض فساداً بدافع من الأنانية وحب الذات والتعدي على الآخرين, فلو تركت هذه النفس من غير مانع يمنعها أو حاجز يوقفها عند حدها لأدى ذلك لانتشار المخاوف وزعزعة الأمن وتصدع بناء المجتمع ؛ لهذا كان ما يحقق المنفعة وينشر المحبة و يمنع الضرر يعتبر ركنا من أركان الشريعة و أساسا من أسس التشريع الإسلامي .

أصل القاعدة :

أصل هذه القاعدة نص حديث نبوي شريف نقله جماهير أهل العلم و احتجوا به , ولعل أجود الطرق له ما رواه الحاكم و غيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار , من ضار ضاره الله به ومن شاق شاق الله عليه ) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري.

ولأبي داود في سننه من طريق أبي صرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ضار ضاره الله به ومن شاق شاق الله عليه ).

ولمالك مرسلا عن عمرو بن يحي المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) .

ولابن ماجه من طريق فضيل بن سليمان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قضى أن لا ضرر ولا ضرار ).

قال العلائي : " وللحديث شواهد ينتهي بمجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به .

الشرح :

الضرر : بالضم والفتح : ما يؤلم الظاهر من الجسم وما يتصل بمحسوسه في مقابلة الأذى وهو إيلام النفس و ما يتصل بها .

وتشعر الضمة في الضر بأنه عن قهر و علو , والفتحة بأنه ما يكون من مماثل أو نحوه .

والضرر : فعال بكسر أوله من ضار مضارة , وضرار بمعنى ضره, واضطره إلى كذا بمعنى ألجأه إليه و ليس له منه بد .

والضرر: إلحاق مفسدة بالغير مطلقا.

والضرر : مقابلة الضرر بالضرر .

وفسره بعضهم : بأن لا يضر الرجل أخاه ابتداءاً ولا جزاء .

وقيل : هما لفظان بمعنى واحد تكلم بهما جميعاً على وجه التأكيد .

وقيل : الضرر : الاسم و الضرار : الفعل .

وقيل : هو الذي لك فيه منفعة, وعلى غيرك مضرة .

والضرر يرجع إلى أحد أمرين :

إما تفويت مصلح .

أو حصول مضرة بوجه من الوجوه .

ومعنى القاعدة :

أنه لا فعل ضرر ولا ضرار بأحد في ديننا, أي: لا يجوز شرعاً لأحد أن يلحق بآخر ضرراً ولا ضراراً, وقد سيق ذلك بأسلوب نفي الجنس ليكون أبلغ
في النهي والزجر.

ومما يندرج تحت هذه القاعدة من الفروع :

يتفرع على هذه القاعدة كثير من أبواب الفقه مما كانت مشروعيته توقياً من وقوع الضرر فمن ذلك:

( أ ) اتخاذ السجون ثم جعلها على صورة مضجرة لا يمكن فيها المسجون من بسط فراش ولا غطاء ولا من التكسب ولا يمكن أحد من الدخول عليه للاستئناس.

( ب ) ومن ذلك بعض الخيارات كخيار الرؤية, وخيار الشرط, فإن الأول شرع لدفع الضرر عن المشتري بدخول ما لا يلائمه في ملكه, والثاني شرع للحاجة إلى التروي لئلا يقع في ضرر الغبن.

( ج ) ومن ذلك أنواع الحجر فإنها شرعت توقياً من وقوع الضرر العائد تارة لذات المحجور, وتارة لغيره, فإن من وجب حجره إذا ترك بدون حجر قد يضر بنفسه وقد يضر بغيره كما هو ظاهر.

( د ) ومنها الشفعة فإنها شرعت توقياً من ضرر جار السوء.

( هـ ) ومنها جبر الشريك على العمارة إذا أباها في ثلاثة محلات وهي:

( 1 ) ما إذا كان وصي يتيم.


( 2 ) أو متولي وقف .

( 3 ) وعند ضرورة تعذر القسمة فإنه شرع توقياً من تضرر الصغير والوقف والشريك من تداعي العقار للخراب .

( و ) ومنها ما لو باع لآخر ما يتسارع إليه الفساد وغاب المشتري قبل قبضه وقبل نقد الثمن فأبطأ , فللبائع بيعه لغيره توقياً من تضرره بفساده, ولا يرجع على المشتري بشيء لو نقص الثمن الثاني عن الأول .

( ز ) ومنها حبس الموسر إذا امتنع عن الإنفاق على أولاده أو قريبه المحرم وجواز ضربه في الحبس إذا أصر على الامتناع توقياً من وقوع الضرر بأولاده أو قريبه الفقراء ببقائهم بلا نفقة.

( ح ) ومنها ما لو أعار أرضاً للزراعة أو آجرها لها فزرعها المستعير أو المستأجر ثم رجع المعير أو انتهت مدة الإجارة قبل أن يستحصد الزرع؛ فإنها تترك في يد المستعير أو المستأجر بأجر المثل إلى أن يستحصد الزرع وذلك توقياً من تضرره بقلع الزرع وهو بقل.


( تنبيه )

إن تفسير لفظة ولا ضرار بالمعنى السابق الذي ذكرناه في صدر الكلام على المادة هو بمعنى : ليس للمظلوم أن يظلم غيره, وهو بإطلاقه شامل للظالم أيضاً فليس للمظلوم أن يظلمه أصلاً , بل له أن يتخلص من ظلمه ويأخذ الحق منه ويسعى وراء ردعه عن الظلم بما يكفي رادعاً لأمثاله عن المعاودة , كما يعلم ذلك من مراجعة أحكام التعزير, أما ما زاد على ذلك فلا يجوز .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3hawak.yoo7.com
 
القواعد الفقهية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ۩๑۩ المنتدى الإسلامى ۩๑۩-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» تحميل القرآن الكريم كاملاً بصوت جميع الشيوخ
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 09, 2019 11:40 am من طرف فارس الأحلام

» اميلى
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 10, 2019 7:09 am من طرف فارس الأحلام

» تردد قنوات قناة المجد
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالسبت أبريل 06, 2019 2:11 pm من طرف ali weeka

» تحميل لعبة صلاح الدين Stronghold Crusader1 شغاله 100% طريقع حصريه 2019 من ميديا فاير
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالسبت أبريل 06, 2019 2:13 am من طرف فارس الأحلام

» مسلسل الكارتون النادر ياسر والشهبندر Yaser Wa Al Sahbander مدبلج للعربية كامل 4 حلقات جودة عالية على منتدى عاشق هواك
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 09, 2017 5:32 pm من طرف ابوايمن

» تحميل انشودة ومدحت بطيبة طه mp3
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 28, 2016 2:07 pm من طرف عبدالله جناب

» تحميل لعبة Delicious - Emily's Holiday Season
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 21, 2016 11:04 pm من طرف salima

» بليز يا شباب ساعدونى
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 05, 2015 5:12 pm من طرف sally

» تحميل فيلم Lover Come Back 1961DvDRip مترجم الفيلم الأصلي لقصة الفنكوش
القواعد الفقهية  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 05, 2015 5:03 pm من طرف sally